نعم، نكره الشخص الغاضب، وسريع الغضب، وقد تراودنا الأفكار أن الغاضبون هم حمقى وعديمي الصبر، وهم سلبيون بي تفكيرهم وأفعالهم .. وكثيرًا ما يعرقلون طبيعة الحياة من حولنا. فبالمختصر: الغاضب أحمق.
ومواقف الغاضبون هي مواقف يومية، تتكرر في كل مكان ومع كثير من الأشخاص وبمختلف اللغات. نرى قائد المركبة غاضب لحركة السير، والمريض غاضب على طبيبه، والمسافر غاضب من موظفي الجوازات، وكثير من الغضب حولنا.
ولكن لم هذا التشابه؟ هل الغاضبون فعلا خاطئون .. لماذا لا ترشدنا الفطرة السليمة الى الفعل الصحيح .. أم أن الغضب هو الفعل الصحيح؟
من جميل ما سمعت .. أن "الغاضب هو شخص مثالي يبحث عن المثالية في حياته". مثلا قائد المركبة يتمنى أن يصل من نقطة إلى نقطة بسهولة ويسر .. وبوقت قياسي .. فمجرد عدم التقاء هذه التوقعات مع الواقع يبدأ قائد المركبة بالدخول إلى مراحل الغضب بشكل تدريجي .. وتزداد مراحل الغضب بابتعاد التوقعات عن الواقع. والمريض يتمنى الحصول إلى شفاء لمعاناته وتشخيص دقيق وفوري دون انتظار النتائج والتحاليل أو حتى انتظار العلاج بالبدء. والمسافر قلق حيال سفره ويخشى الخطأ أو التأخير في مواعيده .. فيتمنى التخلص من هذه المرحلة بسهولة ومرونة وسرعة.
يا ترى ما الحل في ذلك؟
فقط حين تجلس مع نفسك .. وتراقب مواقف الناس من بعيد .. ثم تقوم بتجربة جميع الأدوار ولو بمخيلتك .. ستجد عذر لكل فعل أو قول .. وستفهم مجريات الأمور أكثر .. وإن وقعت في نفس الموقف فأنت واثق أنك ستصيطر على الموقف ولن تغضب.
كيف ذلك! بالمعرفة .. عرفت أوقات السير الثقيلة .. وعرفت أن الكل في عجلة من أمره .. وأن قوانين السير ليست منصفة للجميع .. فتنازلت عن وقتك لهم .. وتوقعت أن ترى صراع المركبات واخترت ألا تخوض فيه لعلمك أيضا أن وقتك لن يقصر أو يسرع بمجرد دخولك حلبة صراع المركبات. وكذلك أمكنك تجنب كل هذا باختيار أوقات أخرى .. أو طرق أبعد وأخف. وأثماء المرض على علم بمجريات الفحوصات .. وأن تشخيص المرض صعب وقد يطول .. وأن الشفاء يطول فتمالك نفسك وصبرت على مرضك. والمسافر كذلك. وحتى العلاقات الاجتماعية بين الأباء والأبناء وبين الأزواج. هو مجرد فهم أكثر للواقع مما أدى إلى توقعات قريبة من الواقع.
فالغضب هو سلوك طبيعي ينتج كردة فعل عند عدم سير الأمور بانتظام أو كما هو متوقع .. ويزداد بازدياد جهلنا بالواقع أو بنقص علمنا.
فالأمر كله بين أفكارك .. وأنت من يحدد مشاعرك .. زد معرفتك .. وطور علمك .. وعامل الناس بمكارم أخلاقك
وكما يقال .. العلم سلاح والمعرفة قوة
No comments:
Post a Comment